لا أدري لماذا اجد في نفسى رغبة ملحة في كتابة هذه المذكرات بعد ان أعرضت عن ذلك إعراضا تاما على أثر عثور النيابة على مذكراتي الخاصة سنة 1943 وما لقيت من المحقق من عنت وإرهاق في غير جدوى ولا طائل ولا موجب إلا تحميل الألفاظ غير ما تحمل واستنباط النتائج التى لا تؤدي إليها المقدمات بحجة ان هذه هى مهمة النيابة العمومية باعتبارها سلطة اتهام. ولعل ضياع معظم هذه المضكرات بعد ذلك هو السبب المبائر في هذه الرغبة لانه يظهر أن من العزيز على المرء ان تضيع من بين يديه هذه الذكريات العزيز او انه يخشى عليها الضياع والنسيان وهى صفحات حياته يسرى بتلاوتها واستعراضها عن نفسه ويتركها لغيره من بعده وبالرغم من هذا الضياع فإنني لا زالت أذكر هذه الوقائع كانها بنت الساعة.
ولعل هذا سبب آخر لرغبتي في الكتابة حتى لا تأتي على هذا التذكر عوادي الزمن واختلاف النهار والليل ينسي.
إن للدعاة المصلحين قائمة مشرقة ومشرفة يتجمل بها تاريخ الإصلاح والدعوة، ولا يخلو منهم زمان ومكان. وقد كان صاحب هذا الكتاب من هذه الشخصيات التى هيأتها القدرة الإلهية، وصنعتها التربية الربانية، وأبرزتها فى أوانها ومكانها
للتحميل :
..